منتدى يلا شباب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يلا شباب


    قصص الصحابه غايه من الروعه

    حمودي
    حمودي


    عدد المساهمات : 79
    نقاط : 27394
    التقيم : 1
    تاريخ التسجيل : 12/01/2010

    قصص الصحابه غايه من الروعه Empty قصص الصحابه غايه من الروعه

    مُساهمة  حمودي الجمعة يناير 22, 2010 1:15 am

    قــصص الصحابة.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله رب العالمين
    والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
    وعلى آله وصحبه أجمعين
    أمـــــابـــــعــــــــــد:
    هذه قصص منوعه وشيقه لمجتمع تفكك لتنشأ عنه أول دوله إسلاميه فمن بين هذه المجتمع أشخاص غير معروفين ولكنهم قلبوا حياتهم من عبادة الحجر والشجر
    إلى عبادة الواحد القهار
    وأشخاص غرتهم الدنيا فخسروا الدنيا والأخره
    عذرا للإطاله
    وقتا ممتعا
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    سيد من السادات ..
    هو عمرو بن الجموح ..
    كان له صنم اسمه مناف .. يتقرب إليه .. ويسجد بين يديه ..
    مناف .. هو مفزعه عند الكربات .. وملاذه عند الحاجات ..
    صنم صنعه من خشب .. لكنه أحب إليه من أهله وماله ..
    وكان شديد الإسراف في تقديسه .. وتزيينه وطييبه وتلبيسه ..
    وكان هذا دأبه مذ عرف الدنيا .. حتى جاوز عمره الستين سنة ..
    فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة .. وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه .. داعيةً ومعلماً لأهل المدينة .. أسلم ثلاثة أولاد لعمرو بن الجموح مع أمهم دون أن يعلم ..
    فعمدوا إلى أبيهم فأخبروه بخبر هذا الداعي المعلم وقرؤوا عليه القرآن .. وقالوا : يا أبانا قد اتبعه الناس فما ترى في اتباعه ؟
    فقال : لست أفعل حتى أشاور مناف فأَنظُرَ ما يقول !!
    ثم قام عمرو إلى مناف .. وكانوا إذا أرادوا أن يكلموا أصنامهم جعلوا خلف الصنم عجوزاً تجيبهم بما يلهمها الصنم في زعمهم ..
    أقبل عمرو يمشي بعرجته إلى مناف .. وكانت إحدى رجليه أقصر من الأخرى .. فوقف بين يدي الصنم .. معتمداً على رجله الصحيحة .. تعظيماً واحتراماً .. ثم حمد الصنم وأثنى عليه ثم قال :
    يا مناف .. لا ريب أنك قد علمت بخبر هذا القادم .. ولا يريد أحداً بسوء سواك .. وإنما ينهانا عن عبادتك .. فأشِرْ عليّ يا مناف .. فلم يردَّ الصنم شيئاً .. فأعاد عليه فلم يجب ..
    فقال عمرو : لعلك غضبت .. وإني ساكت عنك أياماً حتى يزول غضبك ..
    ثم تركه وخرج .. فلما أظلم الليل .. أقبل أبناؤه إلى مناف ..
    فحملوه وألقوه في حفرة فيها أقذار وجيف ..
    فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه لتحيته فلم يجده ..
    فصاح بأعلى صوته : ويلكم !! من عدا على إلهنا الليلة .. فسكت أهله ..
    ففزع ..واضطرب ..وخرج يبحث عنه ..فوجده منكساً على رأسه في الحفرة..فأخرجه وطيبه وأعاده لمكانه..
    وقال له : أما والله يا مناف لو علمتُ من فعل هذا لأخزيته ..
    فلما كانت الليلة الثانية أقبل أبناؤه إلى الصنم .. فحملوه وألقوه في تلك الحفرة المنتنة ..
    فلما أصبح الشيخ التمس صنمه .. فلم يجده في مكانه ..
    فغضب وهدد وتوعد .. ثم أخرجه من تلك الحفرة فغسله وطيبه ..
    ثم ما زال الفتية يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعاً راح إليه قبل منامه وقال : ويحك يا مناف إن العنز لتمنع أُسْتَها ..
    ثم علق في رأس الصنم سيفاً وقال : ادفع عدوك عن نفسك ..
    فلما جَنَّ الليلُ حمل الفتيةُ الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه في بئر يجتمع فيها النتن .. فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذا الحال في البئر قال :
    ورب يبـول الثعلبـان برأسه *** لقد خاب من بالت عليه الثعالب
    ثم دخل في دين الله .. وما زال يسابق الصالحين في ميادين الدين ..
    وانظر إليه .. لما أراد المسلمون الخروج إلى معركة بدر .. منعه أبناؤه لكبر سنه .. وشدة عرجه .. فأصر على الخروج للجهاد.. فاستعانوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبقاء في المدينة .. فبقي فيها ..
    فلما كانت غزوة أحُد .. أراد عمرو الخروج للجهاد .. فمنعه أبناؤه .. فلما أكثروا عليه .. ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. يدافع عبرته .. ويقول : ( يا رسول الله إن بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك إلى الجهاد ..
    قال : إن الله قد عذرك ..
    فقال .. يا رسول الله .. والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ..
    فأذن له صلى الله عليه وسلم بالخروج .. فأخذ سلاحه وقال : اللهم ارزقني الشهادة ولا تردّني إلى أهلي ..
    فلما وصلوا إلى ساحة القتال .. والتقى الجمعان .. وصاحت الأبطال .. ورميت النبال ..
    انطلق عمرو يضرب بسيفه جيش الظلام .. ويقاتل عباد الأصنام ..
    حتى توجه إليه كافر .. بضربة سيف كـُتِبَت له بها الشهادة ..
    فدفن رضي الله عنه .. ومضى مع الذين أنعم الله عليهم ..
    وبعد ست وأربعين سنة في عهد معاوية رضي الله عنه ..
    نزل بمقبرة شهداء أحد .. سيل شديد .. غطّى أرض القبور ..
    فسارع المسلمون إلى نقل رُفات الشهداء .. فلما حفروا عن قبر عمرو بن الجموح .. فإذا هو كأنه نائم .. ليّن جسده .. تتثنى أطرافه .. لم تأكل الأرض من جسده شيئاً ..
    فتأمل كيف ختم الله له بالخير لما رجع إلى الحق لما تبين له ..
    بل انظر كيف أظهر الله كرامته في الدنيا قبل الآخرة .. لما حقق لا إله إلا الله ..
    هذه الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات .. وفطر الله عليها جميع المخلوقات .. وهي سبب دخول الجنة ..
    ولأجلها خلقت الجنة والنار .. وانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار .. وأبرار وفجار ..
    فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين ..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته بين الناس .. حاول كفار قريش أن ينفروا الناس عنده .. فقالوا : ساحر .. كاهن .. مجنون ..
    لكنهم وجدوا أن أتباعه يزيدون ولا ينقصون ..
    فاجتمع رأيهم على أن يغروه بمال ودنيا ..
    فأرسلوا إليه حصين بن المنذر الخزاعي .. وكان من كبارهم ..
    فلما دخل عليه حصين .. قال : يا محمد .. فرقت جماعتنا .. وشتت شملنا .. وفعلت .. وفعلت .. فإن كنت تريد مالاً جمعنا لك حتى تكون أكثرنا مالاً .. وإن أردت نساءً زوجناك أجمل النساء .. وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا .. ومضى في كلامه وإغرائه ..والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليه ..
    فلما انتهى من كلامه .. قال له صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا عمران ..
    قال : نعم .. قال : فأجبني عما أسألك .. قال : سل عما بدا لك ..
    قال : يا أبا عمران .. كم إلهاً تعبد ؟ قال : أعبد سبعة .. ستة في الأرض .. وواحداً في السماء !!
    قال : فإذا هلك المال .. من تدعوا !؟
    قال : أدعوا الذي في السماء .. قال : فإذا انقطع القطر من تدعوا ؟
    قال : أدعوا الذي في السماء .. قال : فإذا جاع العيال .. من تدعوا ؟
    قال : أدعوا الذي في السماء .. قال : فيستجيب لك وحده .. أم يستجيبون لك كلهم ..
    قال : بل يستجيب وحده ..
    فقال صلى الله عليه وسلم: يستجيب لك وحده .. وينعم عليك وحده .. وتشركهم في الشكر .. أم أنك تخاف أن يغلبوه عليك .. قال حصين : لا .. ما يقدرون عليه ..
    فقال صلى الله عليه وسلم : يا حصين ..أسلم أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ..فقيل إنه أسلم فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم دعاء يدعو به..
    حـقيـقـة ..
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خيلاً جهة نجد .. لينظروا له ما حول المدينة ..
    فبنما هم يتجولون على دوابهم .. فإذا برجل قد تقلد سلاحه .. ولبس الإحرام .. وهو يلبي قائلاً : لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك .. إلا شريكاً هو لك .. تملكه وما ملك .. ويردد : إلا شريكاً هو لك .. تملكه وما ملك ..
    فأقبل الصحابة عليه .. وسألوه أين يريد .. فأخبرهم أنه يريد مكة .. فنظروا في حاله فإذا هو قد أقبل من ديار مسيلمة الكذاب .. الذي ادعى النبوة ..
    فربطوه وأوثقوه وجاؤوا به إلى المدينة .. ليراه النبي صلى الله عليه وسلم .. ويقضي فيه ما شاء ..
    فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم .. قال لأصحابه : أتدون من أسرتم .. هذا ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة ..
    ثم قال اربطوه في سارية من سواري المسجد .. وأكرموه ..
    ثم ذهب صلى الله عليه وسلم إلى بيته وجمع ما عنده من طعام وأرسل به إليه .. وأمر بدابة ثمامة أن تعلف ويعتنى بها .. وتعرض أمامه في الصباح والمساء ..
    فربطوه بسارية من سواري المسجد .. فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما عندك يا ثمامة ؟
    قال : عندي خير يا محمد .. إن تقتلني تقتل ذا دم .. ( أي ينتقم لي قومي ) .. و إن تنعم تنعم على شاكر .. وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ..
    فتركه صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد .. ثم قال له : ما عندك يا ثمامة ؟
    فقال : عندي ما قلت لك إن تقتلني تقتل ذا دم .. و إن تنعم تنعم على شاكر .. و إن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ..
    فتركه صلى الله عليه وسلم حتى بعد الغد .. فمر به فقال : ما عندك يا ثمامة ؟
    فقال : عندي ما قلت لك ..
    فلما رأى صلى الله عليه وسلم أنه لا رغبة له في الإسلام .. وقد رأى صلاة المسلمين .. وسمع حديثم .. ورأى كرمهم ..
    قال صلى الله عليه وسلم : أطلقوا ثمامة ..
    فأطلقوه .. وأعطوه دابته وودعوه ..
    فانطلق ثمامة إلى ماء قريب من المسجد .. فاغتسل .. ثم دخل المسجد .
    فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..
    يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك .. فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ..
    و الله ما كان دين أبغض إلي من دينك .. فأصبح دينك أحب الدين إلي ..
    والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ..
    ثم قال : يا رسول الله .. إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟
    فبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالخير .. وأمره أن يكمل طريقه إلى مكة ويعتمر ..
    فذهب إلى مكة يلبي بالتوحيد قائلاً .. لبيك لا شريك لك .. لبيك لا شريك لك ..
    نعم أسلم فقال : لبيك لا شريك لك .. فلا قبر مع الله يعبد .. ولا صنم يُصلَّى له ويُسْجَد ..
    ثم دخل ثمامة رضي الله عنه مكة .. فتسامع به سادات قريش فأقبلوا عليه ..
    فسمعوا تلبيته فإذا هو يقول .. لبيك لا شريك لك .. لبيك لا شريك لك ..
    فقال له قائل : أصبوت ؟ قال : لا .. ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم ..
    فهموا به أن يؤذوه .. فصاح بهم وقال :
    ولا و الله .. لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة .. حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم ..
    كانوا يعظمون الله .. أكثر من تعظيمهم لهذه الآلهة
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ذكر موسى بن عقبة :
    لما تمكن الإسلام في الناس .. بدأت القبائل ترسل وفودها لتعلن إسلامها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ..
    فأقبل بضعة عشر رجلاً من قبيلة ثقيف .. إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فأنزلهم المسجد ليسمعوا القرآن ..
    فلما أرادوا إعلان إسلامهم .. نظر بعضهم إلى بعض فتذكروا صنمهم الذي يعبدون .. وكانوا يسمونه الربة ..
    فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم .. عن الربا والزنا والخمر فحرم عليهم ذلك كله ..
    فأطاعوا .. ثم سألوه عن الربة .. ما هو صانع بها ؟
    قال : اهدموها .. قالوا : هيهات !! لو تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها .. قتلت أهلها .. ومن حولها ..
    فقال عمر رضي الله عنه : ويحكم ما أجهلكم !! إنما الربة حجر ..
    قالوا : إنا لم نأتك يا ابن الخطاب ..
    ثم قالوا : يا رسول الله .. تولَّ أنت هدمها . أما نحن فانا لن نهدمها أبدا ..
    فقال صلى الله عليه وسلم : سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها .. فاستأذنوه أن يرجعوا إلى قومهم ..
    فدعوا قومهم إلى الإسلام .. فأسلموا ومكثوا أياماً .. وفي قلوبهم وجل من الصنم ..
    فقدم عليهم خالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة في نفر من الصحابة ..
    فأقبلوا إلى الصنم وقد اجتمع الرجال والنساء والصبيان ..
    وهم يرتجفون .. وقد أيقنوا أنها لن تنهدم .. وسوف تقتل من يمسها ..
    فأقبل عليها المغيرة بن شعبة .. فأخذ الفأس .. وقال لأصحابه :
    والله لاضحكنكم من ثقيف .. فضربها بالفأس ..
    ثم سقط يرفس برجله .. فصاح الناس .. وظنوا أن الصنم قتله ..
    ثم قالوا لخالد بن الوليد ومن معه : من شاء منكم فليقترب ..
    فلما رأى المغيرة فرحتهم بنصرة صنمهم .. قام فقال : والله يا معشر ثقيف .. إنما هي لكاع .. حجارة ومدر .. فاقبلوا عافية الله واعبدوه .. ثم ضربها فكسرها .. ثم علا الصحابة فوقها فهدموها حجراً حجراً ..
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    كان جبلة بن الأيهم ..
    ملكاً من ملوك غسان .. دخل إلى قلبه الإيمان ..
    فأسلم ثم كتب إلى الخليفة عمر رضي الله عنه .. يستأذنه في القدوم عليه ..
    سرّ عمرُ والمسلمون لذلك سروراً عظيماً ..
    وكتب إليه عمر : أن اقدم إلينا .. ولك مالنا وعليك ما علينا ..
    فأقبل جبلة في خمسمائة فارس من قومه ..
    فلما دنا من المدينة لبس ثياباً منسوجة بالذهب .. ووضع على رأسه تاجاً مرصعاً بالجوهر ..
    وألبس جنوده ثياباً فاخرة ..
    ثم دخل المدينة .. فلم يبق أحد إلا خرج ينظر إليه حتى النساء والصبيان ..
    فلما دخل على عمر رحَّب به وأدنى مجلسه ! ..
    فلما دخل موسم الحج .. حج عمر وخرج معه جبلة ..
    فبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل فقير من بني فزارة ..
    فالتفت إليه جبلة مغضباً .. فلطمه فهشم أنفه ..
    فغضب الفزاري .. واشتكاه إلى عمر بن الخطاب ..
    فبعث إليه فقال : ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف .. فهشمت أنفه !
    فقال : إنه وطئ إزاري ؟ ولولا حرمة البيت لضربت عنقه ..
    فقال له عمر : أما الآن فقد أقررت .. فإما أن ترضيه .. وإلا اقتص منك ولطمك على وجهك ..
    قال : يقتص مني وأنا ملك وهو سوقة !
    قال عمر : يا جبلة .. إن الإسلام قد ساوى بينك وبينه .. فما تفضله بشيء إلا بالتقوى ..
    قال جبلة : إذن أتنصر ..
    قال عمر : من بدل دينه فاقتلوه .. فإن تنصرت ضربت عنقك ..
    فقال : أخّرني إلى غدٍ يا أمير المؤمنين ..
    قال : لك ذلك .. فلما كان الليل خرج جبلةُ وأصحابُه من مكة .. وسار إلى القسطنطينية فتنصّر ..
    فلما مضى عليه زمان هناك ..
    ذهبت اللذات .. وبقيت الحسرات .. فتذكر أيام إسلامه .. ولذة صلاته وصيامه ..
    فندم على ترك الدين .. والشرك برب العالمين ..
    فجعل يبكي ويقول :
    تنصرت الأشراف من عار لطمة * وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
    تكنفني منها لجاج ونخوة * وبعت لها العين الصحيحة بالعور
    فياليت أمي لم تلدني وليتني * رجعت إلى القول الذي قال لي عمر
    وياليتني أرعى المخاض بقفرة * وكنت أسير في ربيعة أو مضر
    وياليت لي بالشام أدنى معيشة * أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
    ثم ما زال على نصرانيته حتى مات ..
    نعم .. مات على الكفر لأنه تكبر عن الذلة لشرع رب العالمين ..

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لأعشى بن قيس ..
    كان شيخاً كبيراً شاعراً .. خرج من اليمامة .. من نجد .. يريد النبي عليه الصلاة والسلام .. راغباً في الدخول في الإسلام ..
    مضى على راحلته .. مشتاقاً للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بل كان يسير وهو يردد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً :

    ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليمُ مسهدا
    ألا أيهذا السائلي أين يممت * فإن لها في أهل يثرب موعدا
    نبي يرى ما لا ترون وذكرُه * أغار لعمري في البلاد وأنجدا
    أجدِّك لم تسمع وصاة محمد * نبيِّ الإله حيث أوصى وأشهدا
    إذ أنت لم ترحل بزاد من التقى * ولا قيت بعد الموت من قد تزودا
    ندمت على أن لا تكون كمثله * فترصد للأمر الذي كان أرصدا

    وما زال يقطع الفيافي والقفار..يحمله الشوق والغرام .. إلى النبي عليه الصلاة السلام ..
    راغباً في الإسلام .. ونبذ عبادة الأصنام ..
    فلما كان قريباً من المدينة..اعترضه بعض المشركين فسألهوه عن أمره؟
    فأخبرهم أنه جاء يريد لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم .. فخافوا أن يسلم هذا الشاعر .. فيقوى شأن النبي صلى الله عليه وسلم .. فشاعر واحد وهو حسان بن ثابت قد فعل بهم الأفاعيل .. فكيف لو أسلم شاعر العرب الأعشى بن قيس ..
    فقالوا له : يا أعشى دينك ودين آبائك خير لك ..
    قال : بل دينه خير وأقوم ..
    فنظر بعضهم إلى بعض وجعلوا يتشاورون .. كيف يصدوه عن الدين ..
    فقالوا له : يا أعشى .. إنه يحرم الزنا .. فقال : أنا شيخ كبير .. وما لي في النساء حاجة ..
    فقالوا : إنه يحرم الخمر ..
    فقال : إنها مذهبة للعقل .. مذلة للرجل .. ولا حاجة لي بها ..
    فلما رأوا أنه عازم على الإسلام ..
    قالوا : نعطيك مائةَ بعير وترجع إلى أهلك .. وتترك الإسلام ..
    فجعل يفكر في المال .. فإذا هو ثروة عظيمة .. فتغلب الشيطان على عقله .. والتفت إليهم وقال :
    أما المال .. فنعم ..
    فجمعوا له مائة بعير .. فأخذها .. وارتد على عقبيه .. وكرَّ راجعاً إلى قومه بكفره ..
    واستاق الإبل أمامه .. فرحاً بها مستبشراً ..
    فلما كاد أن يبلغ دياره .. سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات ..
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    نجلس إلى كعب بن مالك رضي الله عنه ..
    وهو يحكي ذكرياته .. في تخلفه عن غزوة تبوك ..
    وكانت آخر غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم ..
    آذن النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم ..
    وجمع منهم النفقات لتجهيز الجيش .. حتى بلغ عدد الجيش ثلاثين ألفاً ..
    وذلك حين طابت الظلال الثمار ..
    في حر شديد .. وسفر بعيد .. وعدو قوي عنيد ..
    وكان عدد المسلمين كثيراً .. ولم تكن أسماؤهم مجموعة في كتاب ..
    قال كعب – كما في الصحيحين - :
    وأنا أيسر ما كنت .. قد جمعت راحلتين .. وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد ..
    وأنا في ذلك أصغي إلى الظلال .. وطيب الثمار ..
    فلم أزل كذلك .. حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً بالغداة ..
    فقلت : أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي .. ثم ألحق بهم ..
    فانطلقت إلى السوق من الغد .. فعسر علي بعض شأني .. فرجعت ..
    فقلت : أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم .. فعسر عليَّ بعض شأني أيضاً ..
    فقلت : أرجع غدا إن شاء الله .. فلم أزل كذلك ..
    حتى مضت الأيام .. وتخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
    فجعلت أمشي في الأسواق .. وأطوف بالمدينة ..
    فلا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق .. أو رجلاً قد عذره الله ..
    نعم تخلف كعب في المدينة .. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بأصحابه الثلاثين ألفاً ..
    حتى إذا وصل تبوك .. نظر في وجوه أصحابه .. فإذا هو يفقد رجلاً صالحاً ممن شهدوا بيعة العقبة ..
    فيقول صلى الله عليه وسلم : ما فعل كعب بن مالك ؟!
    فقال رجل : يا رسول الله .. خلفه برداه والنظر في عطفيه ..
    فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت .. والله يا نبي الله ما علمنا عليه إلا خيراً ..
    فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
    قال كعب :
    فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك .. وأقبل راجعاً إلى المدينة .. جعلت أتذكر .. بماذا أخرج به من سخطه .. وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ..
    حتى إذا وصل المدينة .. عرفتُ أني لا أنجو إلا بالصدق ..
    فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة .. فبدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين .. ثم جلس للناس ..
    فجاءه المخلفون .. فطفقوا يعتذرون إليه .. ويحلفون له ..
    وكانوا بضعة وثمانين رجلاً .. فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم .. واستغفر لهم .. ووكل سرائرهم إلى الله ..
    وجاءه كعب بن مالك .. فلما سلم عليه .. نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم تبسَّم تبسُّم المغضب ..
    ثم قال له : تعال ..
    فأقبل كعب يمشي إليه .. فلما جلس بين يديه ..
    قال له صلى الله عليه وسلم : ما خلفك .. ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟
    قال : بلى ..
    قال : فما خلفك ؟!
    فقال كعب : يا رسول الله .. إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا .. لرأيت أني أخرج من سخطه بعذر .. ولقد أعطيت جدلاً ..
    ولكني والله لقد علمت .. أني إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي .. ليوشكن الله أن يسخطك علي ..
    ولئن حدثتك حديث صدق .. تجد عليَّ فيه .. إني لأرجو فيه عفوَ الله عني ..
    يا رسول الله .. والله ما كان لي من عذر ..
    والله ما كنت قط أقوى .. ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ..
    ثم سكت كعب ..
    فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه .. وقال :
    أما هذا .. فقد صدقكم الحديث .. فقم .. حتى يقضي الله فيك ..
    فقام كعب يجر خطاه .. وخرج من المسجد .. مهموماً مكروباً .. لا يدري ما يقضي الله فيه ..
    فلما رأى قومه ذلك .. تبعه رجال منهم .. وأخذوا يلومونه .. ويقولون :
    والله ما نعلمك أذنبت ذنباً قط .. قبل هذا .. إنك رجل شاعر ..
    أعجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون ..
    هلا اعتذرت بعذر يرضى عنك فيه .. ثم يستغفر لك .. فيغفر الله لك ..
    قال كعب :
    فلم يزالوا يؤنبونني .. حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي ..
    فقلت : هل لقي هذا معي أحد ؟
    قالوا : نعم .. رجلان قالا مثل ما قلت .. فقيل لهما مثل ما قيل لك ..
    قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع .. وهلال بن أمية ..
    فإذا هما رجلان صالحان قد شهدا بدراً .. لي فيهما أسوة ..
    فقلت : والله لا أرجع إليه في هذا أبداً .. ولا أكذب نفسي ..

    * * * * * * * * *

    ثم مضى كعب رضي الله عنه .. حزيناً .. كسير النفس .. وقعد في بيته ..
    فلم يمضِ وقت .. حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلام كعب وصاحبيه ..
    قال كعب :
    فاجتنبنا الناس .. وتغيروا لنا .. فجعلت أخرج إلى السوق .. فلا يكلمني أحد ..
    وتنكر لنا الناس .. حتى ما هم بالذين نعرف ..
    وتنكرت لنا الحيطان .. حتى ما هي بالحيطان التي نعرف ..
    وتنكرت لنا الأرض .. حتى ما هي بالأرض التي نعرف ..
    فأما صاحباي فجلسا في بيوتهما يبكيان .. جعلا يبكيان الليل والنهار .. ولا يطلعان رؤوسهما .. ويتعبدان كأنهما الرهبان ..
    وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم .. فكنت أخرج .. فأشهد الصلاة مع المسلمين .. وأطوف في الأسواق .. ولا يكلمني أحد ..
    وآتي المسجد فأدخل ..
    وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ..
    فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟
    ثم أصلي قريباً منه .. فأسارقه النظر .. فإذا أقبلت على صلاتي .. أقبل إلي ..
    وإذا التفتُّ نحوه .. أعرض عني ..

    * * * * * * * * *

    ومضت على كعب الأيام .. والآلام تلد الآلام ..
    وهو الرجل الشريف في قومه ..
    بل هو من أبلغ الشعراء .. عرفه الملوك والأمراء ..
    وسرت أشعاره عند العظماء .. حتى تمنوا لقياه ..
    ثم هو اليوم .. في المدينة .. بين قومه .. لا أحد يكلمه .. ولا ينظر إليه ..
    حتى .. إذا اشتدت عليه الغربة .. وضاقت عليه الكربة .. نزل به امتحان آخر :
    فبينما هو يطوف في السوق يوماً ..
    إذا رجل نصراني جاء من الشام ..
    فإذا هو يقول : من يدلني على كعب بن مالك .. ؟
    فطفق الناس يشيرون له إلى كعب .. فأتاه .. فناوله صحيفة من ملك غسان ..
    عجباً !! من ملك غسان ..!!
    إذاً قد وصل خبره إلى بلاد الشام .. واهتم به ملك الغساسنة .. فماذا يريد الملك ؟!!
    فتح كعب الرسالة فإذا فيها ..
    أما بعد .. يا كعب بن مالك .. إنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ..
    ولست بدار مضيعة ولا هوان .. فالحق بنا نواسك ..
    فلما أتم قراءة الرسالة .. قال رضي الله عنه : إنا لله .. قد طمع فيَّ أهل الكفر ..
    هذا أيضاً من البلاء والشر ..
    ثم مضى بالرسالة فوراً إلى التنور .. فأشعله ثم أحرقها فيه ..
    ولم يلتفت كعب إلى إغراء الملك ..
    نعم فُتح له باب إلى بلاط الملوك .. وقصور العظماء .. يدعونه إلى الكرامة والصحبة ..
    والمدينة من حوله تتجهمه .. والوجوه تعبس في وجهه ..
    يسلم فلا يرد عليه السلام ..
    ويسأل فلا يسمع الجواب ..
    ومع ذلك لم يلتفت إلى الكفار ..
    ولم يفلح الشيطان في زعزعته .. أو تعبيده لشهوته ..
    ألقى الرسالة في النار .. وأحرقها ..

    * * * * * * * * *

    ومضت الأيام تتلوها الأيام .. وانقضى شهر كامل .. وكعب على هذا الحال ..
    والحصار يشتد خناقه .. والضيق يزداد ثقله ..
    فلا الرسول صلى الله عليه وسلم يُمضي .. ولا الوحي بالحكم يقضي ..
    فلما اكتملت أربعون يوماً ..
    فإذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى كعب .. فيطرق عليه الباب ..
    فيخرج كعب إليه .. لعله جاء بالفرج .. فإذا الرسول يقول له :
    إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك ..
    قال : أطلقها .. أم ماذا ؟
    قال : لا .. ولكن اعتزلها ولا تقربها ..
    فدخل كعب على امرأته وقال : الحقي بأهلك ..
    فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ..
    وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحبي كعب بمثل ذلك ..
    فجاءت امرأة هلال بن أمية .. فقالت :
    يا رسول الله .. إن هلال بن أمية شيخ كبير ضعيف .. فهل تأذن لي أن أخدمه ..؟
    قال : نعم .. ولكن لا يقربنك ..
    فقالت المرأة : يا نبي الله .. والله ما به من حركة لشيء ..
    ما زال مكتئباً .. يبكي الليل والنهار .. منذ كان من أمره ما كان ..

    * * * * * * * * *

    ومرت الأيام ثقيلة على كعب ..واشتدت الجفوة عليه ..حتى صار يراجع إيمانه ..
    يكلم المسلمين ولا يكلمونه ..
    ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرد عليه ..
    فإلى أين يذهب ..!! ومن يستشير !؟
    قال كعب رضي الله عنه :
    فلما طال عليَّ البلاء .. ذهبت إلى أبي قتادة .. وهو ابن عمي .. وأحب الناس إليَّ .. فإذا هو في حائط بستانه .. فتسورت الجدار عليه ..
    ودخلت .. فسلمت عليه ..
    فوالله ما رد علي السلام ..
    فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
    فسكت ..
    فقلت : يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
    فسكت ..
    فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
    فقال : الله ورسوله أعلم ..
    سمع كعب هذا الجواب .. من ابن عمه وأحب الناس إليه .. لا يدري أهو مؤمن أم لا ؟
    فلم يستطع أن يتجلد لما سمعه .. وفاضت عيناه بالدموع ..
    ثم اقتحم الحائط خارجاً ..
    وذهب إلى منزله .. وجلس فيه ..
    يقلب طرفه بين جدرانه .. لا زوجة تجالسه .. ولا قريب يؤانسه ..
    وقد مضت عليهم خمسون ليلة .. من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامهم
    ..
    * * * * * * * * *
    وفي الليلة الخمسين .. نزلت توبتهم على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل ..
    فقالت أم سلمة رضي الله عنها :
    يا نبي الله .. ألا نبشر كعب بن مالك ..
    قال : إذا يحطمكم الناس .. ويمنعونكم النوم سائر الليلة ..
    فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر .. آذن الناس بتوبة الله علينا ..
    فانطلق الناس يبشرونهم ..
    قال كعب :
    وكنت قد صليت الفجر على سطح بيت من بيوتنا ..
    فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى .. قد ضاقت علي نفسي .. وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت ..
    وما من شيء أهم إليّ .. من أن أموت .. فلا يصلي عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .. أو يموت .. فأكون من الناس بتلك المنزلة .. فلا يكلمني أحد منهم .. ولا يصلي عليَّ ..
    فبينما أنا على ذلك ..
    إذ سمعت صوت صارخ .. على جبل سلع بأعلى صوته يقول :
    يا كعب بن مالك ! .. أبشر ..
    فخررت ساجداً .. وعرفت أن قد جاء فرج من الله ..
    وأقبل إليَّ رجل على فرس .. والآخر صاح من فوق جبل ..
    وكان الصوت أسرع من الفرس ..
    فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني .. نزعت له ثوبيَّ فكسوته إياهما ببشراه ..
    والله ما أملك غيرهما ..
    واستعرت ثوبين .. فلسبتهما ..
    وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فتلقاني الناس فوجاً .. فوجاً ..
    يهنئوني بالتوبة .. يقولون : ليهنك توبة الله عليك ..
    حتى دخلت المسجد .. فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
    وهو يبرق وجهه من السرور .. وكان إذا سُرَّ استنار وجهه .. حتى كأنه قطعة قمر ..
    فقال لي : أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك ..
    قلت : أمن عندك يا رسول الله .. أم من عند الله ؟
    قال : لا .. بل من عند الله .. ثم تلا الآيات ..
    فلما جلست بين يديه ..
    قلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله .. وإلى رسوله ..
    فقال : أمسك عليك بعض مالك .. فهو خير لك ..
    فقلت : يا رسول الله ! إن الله إنما نجاني بالصدق .. وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت ..
    نعم .. تاب الله على كعب وصاحبيه .. وأنزل في ذلك قرءاناً يتلى ..
    فقال عز وجل :
    { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ *وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أنظر إلى ذاك الشيخ الهرم .. الذي .. كبر سنه .. وانحنى ظهره .. ورق عظمه ..
    أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهو جالس بين أصحابه يوماً ..
    يجر خطاه .. وقد سقط حاجباه على عينيه .. وهو يدّعم على عصا ..
    جاء يمشي .. حتى قام بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم .. فقال بصوت تصارعه الآلام ..
    يا رسول الله .. أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها .. فلم يترك منها شيئاً ..
    وهو في ذلك لم يترك حاجة .. ولا داجة .. أي صغيرة ولا كبيرة .. إلا أتاها ..
    لو قسّمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم .. فهل لذلك من توبة ؟
    فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره إليه .. فإذا شيخ قد انحنى ظهره .. واضطرب أمره ..
    قد هده مر السنين والأعوام .. وأهلكته الشهوات والآلام ..
    فقال له صلى الله عليه وسلم : فهل أسلمت ؟
    قال : أما أنا .. فأشهد أن لا إله إلا الله .. وأنك رسول الله ..
    فقال صلى الله عليه وسلم: تفعل الخيرات .. وتترك السيئات .. فيجعلهن الله لك خيرات كلهن ..
    فقال الشيخ : وغدراتي .. وفجراتني ..
    فقال : نعم ..
    فصاح الشيخ : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
    فما زال يكبر حتى توارى عنهم ..


    قصص الصحابه غايه من الروعه






    أخر مواضيع العضو
    قصص الصحابه غايه من الروعه | سمعة صوت حبيبها | هلا | عشانك أعيش كاملة |

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 7:21 pm